• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    كل من يدخل الجنة تتغير صورته وهيئته إلى أحسن صورة ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    محاضرة عن الإحسان
    د. عطية بن عبدالله الباحوث
  •  
    ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: ﴿يوم تأتي ...
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    نصوص أخرى حُرِّف معناها
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    فضل العلم ومنزلة العلماء (خطبة)
    خميس النقيب
  •  
    البرهان على تعلم عيسى عليه السلام القرآن والسنة ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    الدرس السادس عشر: الخشوع في الصلاة (3)
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    القرض الحسن كصدقة بمثل القرض كل يوم
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الليلة التاسعة والعشرون: النعيم الدائم (2)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    حكم مشاركة المسلم في جيش الاحتلال
    أ. د. حلمي عبدالحكيم الفقي
  •  
    غض البصر (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    كيف تقي نفسك وأهلك السوء؟ (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    زكاة الودائع المصرفية الحساب الجاري (PDF)
    الشيخ دبيان محمد الدبيان
  •  
    واجب ولي المرأة
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    وقفات مع القدوم إلى الله (9)
    د. عبدالسلام حمود غالب
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / دراسات شرعية / علوم قرآن
علامة باركود

تفسير القرآن الحكيم .. سورة الحجر ( الآيات 85 : 86 ) [1]

الشيخ محمد حامد الفقي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 11/7/2013 ميلادي - 3/9/1434 هجري

الزيارات: 6219

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

تفسير القرآن الحكيم

سورة الحجر (الآيات 85 : 86) [1]

 

قول الله - تعالى ذِكْره -: ﴿ وَمَا خَلَقْنَا السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَإِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ * إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ ﴾ [الحجر: 85 - 86].


"الْخَلق" أصله التَّقدير المستقيم، ويُسْتعمل في إبداع الشَّيء وإيجاده من غير أَصْل سابق، ولا مثال يُحتذى، وكذلك عبَّر عن هذا المعنى في آيات أخرى، نحو قوله: ﴿ بَدِيعُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ ﴾ [البقرة: 117].


و"السَّموات" جَمْع سَماء، وأصله: من السُّمو والعلوِّ والارتفاع، تقول: سَما لي شخصك؛ أيْ: قام وعَلا وارتفع، وقيل: منه الاسم؛ لأنَّه يعلو به الشَّخص ويرتفع عن الجهالة، ويرتفع به ذِكْرُه، وسماء كلِّ شيءٍ أعلاه، وسماء النَّعل: أعلاها التي تقع عليها القدَم، والسَّماء ظهر الفرَس لِعُلوِّه، قال طُفَيل الغنويُّ في وصف فرس:

وَأَحْمَرَ كَالدِّيبَاجِ أَمَّا سَمَاؤُهُ
فَرَيَّا وَأَمَّا أَرْضُهُ فَمُحُولُ

 

ويسمُّون المطر سماء؛ لأنَّه يَنْزل من العلو، قال الشاعر:

إِذَا نَزَلَ السَّمَاءُ بِأَرْضِ قَوْمٍ
رَعَيْنَاهُ وَإِنْ كَانُوا غِضَابَا

 

و"الأرض" كلُّ ما سفل، و"الأرض" سفلة البعير والدَّابة، وما ولَّى الأرض منهما، يُقال: بعير شديد الأرض، إذا كان شديد القوائم، والأرض: أسفل قوائم الدَّابة، وأنشد حميد الأرقط يصف فرسًا:

وَلَمْ يُقَلِّبْ أَرْضَهَا البَيْطَارُ
وَلاَ لِحَبْلَيْهِ بِهَا حَبَارُ

 

يعنِي: لم يقلِّب قوائِمَها لعلْمِه، والبيطار: طبيب الحيوان، والذي ينعل حافِرَها بالحديد، وأرض الإنسان: ركبتاه فما بعدَهُما، وأرض النعل: ما أصاب الأرض منها، وتأرَّض فلانٌ بالمكان: إذا ثبت فلم يبْرَح.


و"الحق": هو الشيء ذو الحقيقة الثابتة التي لا تتغيَّر في نفسها، ولا يَحُوم حولَها الشكُّ في ثُبوتها وإحكامها، حقَّه يَحُقُّه حقًّا، وأحقَّه: أثْبَته وصار عنده حقًّا لا يُشَكُّ فيه، ويُقال: أحقَقْت الأمر إحقاقًا، إذا أحكمته وصحَّحْته، وأنشد:

قَدْ كُنْتُ أَوْعَزْتُ إِلَى العَلاَءِ
بِأَنْ يُحِقَّ وَذَمَ الدِّلاَءِ

 

والوذمة: السَّيْر الذي يُشَدُّ بين آذان الدَّلو وعراقيها، والجمع "وذَمٌ"، والمعنى: أوعزت إليه أن يُحْكِم ربْطَها.


وحقَّ الأمْرَ يحقُّه حقًّا، وأحقَّه: كان منه على يقين؛ اهـ من "اللِّسان".


وقال الرَّاغب: أصل الحق: الْمُطابقة والموافقة، كمطابقة رِجْل الباب في حقِّه لِدُورانه على استقامة.


والحق يُقال لِمُوجد الشَّيء بسبب ما تقضيه الحكمة، قال الله تعالى: ﴿ ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِّ ﴾ [الأنعام: 62]، ﴿ فَذَلِكُمُ اللّهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلاَّ الضَّلاَلُ ﴾ [يونس: 32].


ويُقال للشيء الموجد بحسب مقتضى الحكمة، قال تعالى: ﴿ هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ مَا خَلَقَ اللَّهُ ذَلِكَ إِلَّا بِالْحَقِّ يُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ﴾ [يونس: 5].


ويقال للشيء المطابقِ لِما عليه الشيء في نفْسه، قال تعالى: ﴿ فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فيه مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾ [البقرة: 213].


ويقال للفعل والقول الواقع بحسب ما يجب، وبقدر ما يجب، وفي الوقت الذي يجب، قال تعالى: ﴿ وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ ﴾ [السجدة: 13].


والمعنى: أنَّ الله سبحانه - وهو الحَقُّ في ذاته وصفاته وكلِّ أفعاله - لم يَخْلق شيئًا من السموات والأرض وما بينهما باطلاً، ولَم يُبْدِعهما ويُنْشِئْهما من العدم، ويقدِّر لهما هذه الحياة على النِّظام المُحْكَم الدَّقيق لا لعبًا ولا عبثًا، ما صنع ذلك ربُّنا وأبدعه وأحكمه وسخَّره إلاَّ بالحق، ذي الحقيقة الثابتة في كلِّ شيء أعطاها له الربُّ العليم الحكيم؛ ليجري بها على سنن الفطرة الحقَّة إلى غاية الحق، والحكمة والمصلحة الحقَّة التي خلَقَها مِن أجْلِه، وأنَّها كلَّها مُسَخَّرة لخدمة الإنسان وخَيْره ومنفعته، ما دام يعرف لها هذه الحقائق الثابتة، ويَسْتعملها كذلك، وأنَّ هذا الحق والحقيقة في كلِّ شيءٍ من السَّموات والأرض وما بينهما لا تتبدَّل ولا تتغيَّر في ذاتِها وفي الواقع، وإنْ زعم الإنسانُ - بجهلِه وظلمه لنفسه بالتقليد الأعمى، وما يُثمره من الثَّمرات الخبيثة - أنَّه يستطيع أن يبدِّل حقائقها، ويَقْلبها إلى أباطيل، وأنه حين يفعل ذلك لن يضُرَّ الله شيئًا؛ وإنَّما يؤذي نفسه ويضرُّها، ويبدِّل نِعَم الله في هذه الحقائق كُفْرًا، فيُحِلُّ نفْسَه ومَن حوله بِها دار الوبال في الدُّنيا والآخرة.


وإنَّ هذه الحقائق الكونيَّة الثابتة المُحْكَمة، التي لا يعتريها شكٌّ، ولا يُدانيها ريبٌ في أنفسها، ولا في نتائجها التي تؤدِّي إليها بالسُّنن الحكيمة - واضحة أشدَّ الوضوح، لا تَخْفى إلاَّ على مَن قال اللهُ فيهم: ﴿ لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ ﴾ [الأعراف: 179]؛ إذْ هم يُخادِعون أنفسهم عن تلك الحقائق في أنفسهم وفي الآفاق، بالأمانِيِّ الكاذبة التي يُمَنِّيهم إياها شياطينُ الجنِّ والإنس، فيُكابِرون ويكذِّبون صوت الحق الصَّريح في سُنَّة الله في الليل والنَّهار، والنوم واليقظة، والزُّروع والثِّمار، والزَّواج والأولاد، والجوع والشِّبَع، والرِّيِّ والظَّمأ، والصحة والمرض، وغير ذلك من كل الشُّؤون التي تجري في كل جوارحهم، وفي كلِّ شيء فيهم وفيما حولَهم على سَننٍ واضح، وحقائقَ ثابتة، فلا يزدادون إلاَّ خيبة وشقاءً على شقاء؛ لأنَّهم لا يزدادون به إلا كفورًا وعمًى وبَكَمًا وصممًا وتدسيسًا لأنفسهم في ظلمات الجهالات والكفر والفسوق والعصيان، وهم يحسبون أنَّهم يحسنون صُنعًا.


ارجع معي بعقلك السليم وفكْرِك المستنير بآيات الله الكونية العلمية إلى أول سورة الحجر، بل إلى القرآن كلِّه؛ فشأنها شأن القرآن الحكيم - تَجِدْ أنَّ السياق صريح في أنَّ قريشًا آمنَتْ برجحان عقل محمَّد بن عبدالله، وحصافة رأيه، واستقامة قوله وعمَلِه، ووثيق حكمته ورشدِه، وعظيم شفقته بِهم، ورحمته وبرِّه وبَذْلِه لَهم كلَّ ما يَمْلك من الإحسان القولِيِّ والعقلي والمالي، حتَّى ملك كلَّ قلوبِهم، وحلَّ منها بأحبِّ مكان وأعَزِّه، وكان - لذلك - لا يُدْعَى بينهم إلاَّ "الأمين"، وما كان محمد بن عبدالله يَجْري في كلِّ ذلك إلاَّ على الحق من سننِ ربِّه العليم الحكيم في نفسه وفي الناس حوله، وفي الأرض والسَّموات وما بينهما؛ إذْ عرَفَها وجهِلُوها، ورآها واضحةً في كلِّ شيء، وعَمُوا عنها، حتَّى في أنفسهم وفي آلهتهم من الموتى الرِّمَم، وما ينحتون لها بأيديهم من صُوَر وتَماثيل.


وما زال أمره وأمرهم معه على ذلك الحُبِّ الحيواني، لما يحنُّ إليهم فيأخذونه بحيوانيتهم الشَّرِهة في أجسامهم، وفي خصوماتهم، وكَبْح وحشيتهم عن الانطلاق، حتَّى إذا جاءهم بالحقِّ من ربِّه وربِّهم، ومدَّ لهم مائدة الحقِّ لإحياء أرواحهم، وتطهير ألبابِهم من دنس الجهالة والتقاليد العَمْياء، وتزكية نفوسهم من أرجاس الكُفْر بحقائق الآيات والسُّنن الكونيَّة فيهم وفي الآفاق؛ لِتَعود إليهم الفطرة الإنسانية الكريمة، فترجع بصائرهم مجلوة ترى الحقَّ في كلِّ شيء ثابتًا لم تتغيَّر ولم تتبدَّل سنن الله فيه، فيعرفوا لِرَبِّهم حقَّه من إخلاص العبادة، ويعرفوا للإنسان من الحيِّ والميت حقَّه بحسبه، ويُعطوا لكلِّ ذي حقٍّ حقَّه كاملاً غير منقوص، فيَسْعدوا في الدنيا والآخرة - لَمَّا جاءهم محمَّدٌ رسول الله بهذا الحقِّ كفروا به وأبغضوه، وانقلبوا عليه ذئابًا ضارية، ووحوشًا كاسرة.


لِماذا كان ذلك منهم؟ هل وجدوا منه تغيُّرًا عمَّا ألِفُوه منه طولَ صحبتهم له، فقَسا بعد أن كان رحيمًا، أو خان بعد أن كان أمينًا، أو بخل بعد أن كان كريمًا، أو كذب بعد أن كان صادقًا، أو سَفُه بعد أن كان رشيدًا، أو طلب دنياهم ورياساتِهم الباطلةَ بعد أن كان عنها متجافيًا ولَها ناقمًا؟


لَم يكن شيءٌ من ذلك باعترافاتهم المتكرِّرة، إذًا فلماذا كرهوه، وأعلنوا عليه هذه الحرب العنيفة، وما زال هو محمَّدَ بن عبدالله "الأمينَ" إلى آخر لحظةٍ فارقَهم فيها مُهاجرًا وفارًّا بِدَمِه تحت جنح الظَّلام إلى المدينة؟!


كان ذلك مِمَّا صُورته ماثلة اليوم في بيئةٍ من غلَبة عبادة وطاعة الطَّواغيت باسم الشُّيوخ والسادة والرُّؤساء، والعادات والتقاليد، والأهواء والشَّهوات؛ ذلك لأنَّ سادات قريش ومقدَّسيهم وأربابَهم من الأحبار والرُّهبان رأَوْا فيه وفي الحقِّ الذي جاء به من عندِ ربِّه أقسى مِعْوَلٍ لتحطيم أباطيلهم التي يعيشون عليها ويدجِّلون على الطَّغام بِها، ويمكن لهم الدَّهْماء من ذلك البَغْي والدَّجَل بِغَفلتِهم العميقة، وذُلِّهم واستخذائهم بعمى بصائرهم، وغفلتهم عن نِعَمِ ربِّهم فيهم، وعن الحقِّ الثابت في سُنَنه وآياته في أنفسهم وفي الشُّيوخ والموتى، فما دام عمَى هذا التقليدِ يَضْرب على قلوبِهم حجُبَه الكثيفة، فهم عبيدٌ، وأولئك الشيوخ والسادة فراعينُ وأربابٌ، أمَّا إذا انقشعَتْ هذه الظُّلمات وعاد الإنسان يقدِّر نِعَمَ ربِّه عليه، ويعرف كرامته في شخصيَّته المستقلَّة في خَلْقِها وتفكيرها، وعمَلِها وجزائها، ونعيمها وعذابِها، فحينئذٍ تقوم الإنسانيَّة على قدم المساواة في الخَلْق، ويتسابقون في العلم والإيمان، والعمل لِمنازل الزُّلفى والكرامة في الدُّنيا والآخرة، فيَنْزل السادة والشيوخ من علياء ربوبيَّتِهم الوَهْميَّة الباطلة إلى مُساواة الناس في عبوديَّتِهم جميعًا لربِّ العالمين، الرحمنِ الرحيم، مالكِ يوم الدِّين، فتحطَّمَتْ أصنامُهم الباطلة، وتلاشَتْ طواغيتهم، وعاد الإنسان أخا الإنسانِ في شأنه كلِّه؛ في نفسه، وفيما يتنَزَّل عليه من ربِّه، وفيما يصل به إلى رحمة ربِّه، أو غضَبِ ربِّه: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ﴾ [الحجرات: 13].


وسبيل التَّقوى في الجميع واحد، نِعَمه على الجميع واحدة، وآياته وسننه في الجميع واحدة، وابتلاؤُه للجميع بالأَحِبَّة من الملائكة وبالعدوِّ المبين من حِزْب إبليس ابتلاءٌ واحد، ونزول الملائكة بالرُّوح والرِّزق والخير من عند ربِّ الجميع واحدٌ، وكيد العَدُوِّ وإفساده للنِّعَم في الجميع واحد، والإسلام الذي رَضِيَه الربُّ لصلاح الإنسان واحد، والكفر الذي يزيِّنه العدوُّ واحد، مِن مبدأ الخلق إلى دخول الجنَّة أو النار، كلٌّ بِما كانوا يعملون: ﴿ وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ ﴾ [فصلت: 46]، لا بمحسوبيَّة فلانٍ من الأولياء، ولا بالتبعيَّة لفلانٍ من الشُّيوخ والسادة، ولا بشفاعة الشَّافعين، ولا بذرِّية الأنبياء الصالحين، فليست الآخرة مِلْكًا لأحد حتَّى يورثها مَن شاء مِن تابعٍ أو ذرية؛ ولأنَّ الآخرة ليست دار بلاءٍ وامتحان حتَّى تقوم فيها سوقُ الظُّلم بالمحسوبيَّة والوساطات، وتعول فيها موازين الحقِّ والعدل بالأنساب والرجاءات؛ وإنَّما الآخرة دارُ الجزاء بالعدل المُطْلق على ما أفسد المفسدون بِبَغْيِهم وظلمهم ومحسوبيَّاتِهم في دار الامتحان. وإنَّما الآخرة ملك لربِّ العالمين وحْدَه؛ لأنه هو الرَّب، والكل عبيد، وهو المُحاسِب والمُجازي وحْدَه، والكل محاسَبٌ ومَجْزيٌّ بعمله.


﴿ قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلا تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ ﴾ [هود: 46]، ﴿ قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي قَالَ لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ ﴾ [البقرة: 124]، ((يا فاطمة بنت محمد - اعملي - لا أُغْنِي عنكِ من الله شيئًا))[1]، ﴿ فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلَا أَنسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءلُونَ * فَمَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ في جَهَنَّمَ خَالِدُونَ ﴾ [المؤمنون: 100 - 103]، ﴿ فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ * فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِمْ بِعِلْمٍ وَمَا كُنَّا غَائِبِينَ * وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ [الأعراف: 6 - 8].


عمِيَ الدَّهْماءُ والعامَّةُ من قريشٍ بالتقليد الأعمى، والتقديس الباطل للسادة والشُّيوخ والرؤساء عن سنن الله وعن الحقِّ في آيات الله، وفي محمَّدٍ رسول الله، وهِيَ هِي الحقائق الَّتي كانوا يقدِّرونها في محمَّد بن عبدالله، وهي هِيَ الحقائق التي كانوا من أجْلِها يغرقون في حُبِّ ابن عبدالله، ويُقْبِلون بِنُفوس شرهة إلى ما في يدِ وعقْلِ محمد بن عبدالله؛ لأنَّهم يرَوْنَها لبهيمتهم، فلما جاء بها صريحة صارخةً لإحياء إنسانيَّتِهم عوَتْ عليه ذئابُ الحسد والبغي، ونبحَتْه كلابُ الدَّجل واستعبادِ الإنسان باسم الدِّين، وبالدَّعوى الكاذبة الفاجرة: أنَّ الله قد اختصَّ من البشرية طبقةً خاصَّة، هم وُكَلاؤه على العامَّة، وهم خزَنَةُ دينه يُعطُون منه باسم الربِّ ما يشاؤون، وقد وضع في يدِهم مفاتيح الرَّحْمة والجنَّة؛ يُدْخِلون مَن يشاؤون، ويَمنعون من يشاؤون، وعلى عرش هذه الرِّياسة الباطلةِ يتَّخِذون الجميع عبيدًا وخَولاً لأهوائهم وشهواتهم.


ويظهر لك هذا واضحًا كلَّ الوضوح في تَحوُّل حال قريش بعد قتْل أولئك الأرباب والفراعين في بدْرٍ وغيرها، ثُمَّ ما تلا ذلك من صُلْح الحديبية الذي كان الفتْحَ المبين، فقد انفلتَتِ العقول من قيود أولئك الفراعين، وخلصَتِ القلوب من أغلال تقليدهم وجبروتهم، فدَخل الناسُ في دين الله أفواجًا، وأقبلوا ببصيرة مستنيرة - بالحقِّ فيهم وفي الآفاق - على مائدة الحقِّ والْهُدى التي جاءهم بِها الصادقُ الأمين من عند ربِّهم الرَّحْمن الرحيم، فكانوا أثبت الناس إيمانًا، وأحرص الناس على هُدَى مائدة القرآن الكريمة، وأسرع الناس في الاستجابة إلى داعيها: ﴿ فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاء ﴾ [الأنعام: 125].


وهكذا الشأن في إبراهيم المِضْياف الكريم، وإخوانه لوط وصالِح وغيرهم من هُدَاة البشريَّة المصطفَيْن مع قومِهم، كشَأْن محمَّد -صلى الله عليه وسلم- مع قومه سواءً بسواء، هو الشَّأن اليوم في رسالة محمَّد -صلى الله عليه وسلم- ومائدة هُدَاه التي لا تزال مَمْدودة بفضْل ربِّنا مالك القلوب ومقلِّبِها مع من يتسمَّى باسم الإسلام ويلبس ثوبَه ظاهرًا، وعقيدتُه وعمَلُه، وخلُقَه وحُكْمُه وكلُّ شؤونه يكذِّب الإسلام، ويحارب رسالةَ محمد -صلى الله عليه وسلم- ومع من يتسمَّى بغير الإسلام؛ لأنَّ رسالة محمد -صلى الله عليه وسلم- إلى الناس كافَّة، وإلى قيام الساعة، وموقفها من الناس اليوم هو موقف محمَّد -صلى الله عليه وسلم- من قريشٍ وغيرهم، لا فارق مطلقًا إلاَّ عند الذين عَمُوا عن الحقِّ في أنفسهم وفي الآفاق، وكفروا بالله الحقِّ، وبدينه الحقِّ، وبِوَعْدِه الحق، وبرسوله الحق، وبكتابه الحقِّ، وبقوله الحق، وبحكمتِه الحقَّة، وبِخَلْقه الحق، فكانوا في أباطيلهم في مَعِيشة ضَنْك، وفي شقاءٍ لازم وعذاب واصب.


وإنه لا يتمكَّن شياطينُ الجنِّ أن يوحوا إلى أوليائهم من شياطين الإنس زخرفَ القول غرورًا، يُحاربون به رسالات الله وآياته الحقَّة، إلاَّ حين يحكمون نطاق الجاهلية والتقليد الأعمى على القلوب، ويقتلون فيها مَيْزة التفكُّر والفهم ووزن كل شيء مِمَّا خلق الله لهم بِمِيزان الحقِّ الثابت فيه، فعندئذٍ يظلم الناسُ أنفُسَهم بِما ارتضَوْا من العمى والجاهليَّة، وتجريد الأشياء عن حقائقها، فيَرونَها على غير ما خلقها وسنَّ سننَها العليمُ الحكيم، ويتمكَّن ذلك الظُّلم والجهالة والعمى في أنفسهم حتَّى يكون دينُهم في كلِّ شأنِهم الهوى والجهالةَ والأمانِيَّ الكاذبة والظُّنونَ التي لا تُغْنِي من الحقِّ شيئًا، فعبادتهم الخالصة، وذُلُّ قلوبِهم العميق، ورغبتهم ورهبتهم: هي لأوليائهم وموتاهم، الذين روَّج شياطين الجنِّ والإنس في ظلمات قلوبِهم: أنَّ أولئك الأولياءَ ما ماتوا موْتَ البشر؛ لأنَّهم ليسوا من جنس البشر، وإنَّما هم خلْقٌ آخَر، أخذ المَعْنَى والحقيقةَ مِن مزايا الرُّبوبية بالفيض النُّورانِيِّ، والأسرار الربَّانية الذاتية، وأخذ الصُّورة الظاهرة من صورة البشر وصفاتها، فليسوا بشرًا إلاَّ في الصورة؛ ولذلك فإنَّهم يعتقدون أنَّهم إذا انخلعوا بما هو صورة الموت في الظَّاهر، وبالانتقال في واقع جاهليَّتِهم عن هذه الصُّورة البشرية، عادوا إلى أصْلِهم ومعناهم الربَّانِيِّ الذي انفصلوا به من الرَّب، فكانت لهم الحياة الدائمة، وما يُلازمها من كل صفات الرُّبوبية، وكانوا بذلك هم الآلهة التي لها من قلوب الناس وأعمالِهم وأموالهم كلُّ شيء.


هذه عقيدتهم الوثنيَّة ألبسوها ثيابًا مزخرفة باسْم الإسلام، وهي في معناها وحقيقتها: التمرُّد والفسوق على سنن الله وآياته وكتُبِه ورسله، فهل عندهم بذلك من علْمٍ عن الله، أو عن رسول مِن رسله، أو شهدوا بأنفسهم ذلك لأوليائهم ومقدَّسيهم عند خلْقِ السَّموات والأرض وخلْق أنفسهم وخلْق أولئك الآلهة والطواغيت؟ ﴿ نَبِّئُونِي بِعِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ﴾ [الأنعام: 143]، ﴿ أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ وَصَّاكُمُ اللَّهُ بِهَذَا فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا لِيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ﴾ [الأنعام: 144]، ﴿ مَا أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلا خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ وَمَا كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُدًا ﴾ [الكهف: 51]، ﴿ أَلا إِنَّ لِلَّهِ مَنْ في السَّمَوَاتِ وَمَنْ في الْأَرْضِ وَمَا يَتَّبِعُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ شُرَكَاءَ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ ﴾ [يونس: 66]، إلى قوله: ﴿ قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا ﴾ [يونس: 68]؛ لأنَّهم زعَمُوها النُّور الذي فاض وانبثق عن الحقيقة الإلَهيَّة: ﴿ سُبْحَانَهُ هُوَ الْغَنِيُّ لَهُ مَا في السَّمَوَاتِ وَمَا في الْأَرْضِ إِنْ عِنْدَكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ بِهَذَا أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ ﴾ [يونس: 68]، ﴿ وَقَالُوا لَوْ شَاءَ الرَّحْمَنُ مَا عَبَدْنَاهُمْ مَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ * أَمْ آتَيْنَاهُمْ كِتَابًا مِنْ قَبْلِهِ فَهُمْ بِهِ مُسْتَمْسِكُونَ * بَلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُهْتَدُونَ * وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ في قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ ﴾ [الزخرف: 20 - 23].


ولو ذهبنا نَعُدُّ ما في القرآن من تلك الآيات البيِّنات، لطال بنا الإحصاء، وهي على ألسنة النَّاس وفي أسماعهم، ولكن صدَق ربُّنا إذْ يَصِفُ غباوتَهم وتقليدهم الأعمى الذي أركسهم في حَمأة هذه المهالك: ﴿ وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ حِجَابًا مَسْتُورًا * وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وفي آذَانِهِمْ وَقْرًا وَإِذَا ذَكَرْتَ رَبَّكَ في الْقُرْآنِ وَحْدَهُ وَلَّوْا عَلَى أَدْبَارِهِمْ نُفُورًا ﴾ [الإسراء: 45 - 46]، وقوله: ﴿ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ وَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ في آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُولَئِكَ يُنَادَوْنَ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ ﴾ [فصلت: 44]، فهو لا يزيدهم إلا ضلالاً وخسارًا؛ لأنَّهم عن فَهْمِه وتطبيقه على أنفسهم في العقائد والعبادات، والشرائع والأحكام مُعْرِضون كلَّ الإعراض، فرِحُون بما عندهم من الظُّنون والأهواء التي سَمَّوها بزعمهم علمًا، وهي بالجهالة والباطل أحرى، ثم يزعم لهم شياطينُهم أنَّهم المسلمون الصالحون المُتَّقون.


وعلى هذه العقيدة الوثنيَّة الخبيثة جرى أمْرُهم في كلِّ شأنهم، فهم يظنُّون بالله ظنَّ السَّوء، ويَصِفونه بِما يكرهونه لأنفسهم: ﴿ وَتَصِفُ أَلْسِنَتُهُمُ الْكَذِبَ أَنَّ لَهُمُ الْحُسْنَى لاَ جَرَمَ أَنَّ لَهُمُ الْنَّارَ وَأَنَّهُم مُفْرَطُونَ ﴾ [النحل: 62]، يظنُّون به سبحانه أنَّه مشغولٌ عن تدبير أمرهم؛ لأنَّه وكل أمْرَ تدبير السموات والأرض إلى الأقطاب الأربعة، وأنَّه لا يُبْرِم أمرًا إلا ما يقرُّه مَجْلس شورى الموتى والأولياء، برياسة "ستّهم زينب" صاحبة الشُّورى ورئيسة الدِّيوان، مع أنَّ عندهم أنَّ أكبر عيْبٍ وأشدَّ نقص في الحاكم والرئيس: أن يكون خاضعًا لرأي امْرَأة، لا يحلُّ أمرًا ولا يبرمه إلاَّ بِمَشورتها، وذلك مُؤْذِن بفساد الأمر، واستحكام حلقات الظُّلم، فلا يرضون لربِّهم إلاَّ بِما يكرهونه من حُكَّامهم، ويجعلونه من أخصِّ خصائص ربِّهم: أنه لا يقضي أيَّ حاجة، ولا يستجيب لأيِّ دعوة، إلا بواسطة أولئك الموتى الذين لا يَمْلكون لأنفسهم نفعًا ولا ضرًّا.


مع أنَّهم يَشْكون من فساد أمر دنياهم؛ لأنَّ حُكَّامهم قد غلبت الأهواء على عقولِهم، فلا ينال أحدٌ حقًّا إلاَّ بواسطة امرأة الرئيس أو خادِمه؛ أو كاتبِه أو نسيبه أو صديقه، فيَكْرهون مِن حُكَّامهم ما لا يرضون به بديلاً لربِّهم، بل يرمون مَن ينهاهم عن ذلك ويدعوهم إلى معرفة الربِّ بأسمائه وصفاته بالكُفْر الشَّنيع، وهم يصفون ربَّهم بأَبْطل الباطل، وأظلم الظُّلم، بل وبالسَّفَه والعبث مِمَّا لا يرضونه لِحُكَّامهم ورؤسائهم، فهم يصيحون في كلِّ مجلس وكل زمان: بأنَّ الظلم والبغي عمَّ البلاد، وأهلك العباد؛ لأن الحاكم والرئيس لا يُكافِئُ العامل بِمقدار عِلْمه ونشاطه في عمَله، أو جهله وكسَلِه، ولا بِجدِّه أو توانيه وتَهاوُنه؛ وإنَّما يعطيه الرَّواتبَ والعلاوات والدرجات؛ لأنَّه ابن صديقه فلان، أو ابن الكبير أو الرَّئيس فلان، أو لأنَّه محسوب على فلانة أو فلان، والعامل الآخَر جادٌّ نشيط، مُخْلِص في عمله، مواظِبٌ عليه في أوقاته، ولكنَّه مهضوم، لا يزال من عشرين سنة في الدَّرجة السادسة؛ لأنَّه ليس محسوبًا على فلانة ولا فلان، ولا ابْنًا لكبيرٍ، ولا قريبًا لوزير، ولا من حِزْب فلان.


أما الرَّبُّ - سبحانه وتعالى عمَّا يقولون - فإنَّما جزاؤه في الدُّنيا والآخرة بالمحسوبيَّة والقرابة، ولأَجْل خاطرِ فلانة وفلانٍ، وبِرَجاء فلانٍ وشفاعة فلان، ومَن لم يكن مَحْسوبًا ولا قريبًا ولا نسيبًا لأحد، فالويل له من العذاب الأليم، والخسران المبين!


ذلك ما تغلغل في صميمِ قلوب الجماهير من عامَّةٍ وخاصَّة، مِمَّن يدَّعي أنه من خلاصة المسلمين وصالحيهم المتَّقين، وآياتُ ربِّنا وسننه الكونيَّة بِحَقائقها الثابتة، فآية اللَّيل والنهار، والسَّماء والأرض، والطعام والثياب، والحَرْث والنَّسل، والحياة والموت، وآيات كتابه الذي لا يأتيه الباطل من بين يدَيْه ولا من خلفه - تُتلَى كلُّ تلك الآيات الكونية والقرآنية عليهم بِحَقائقها فيهم وفي الآفاق، فيأبَوْن كلَّ الإباء أن يُسَلِّموا لها، أو يصغوا بأسماعهم إليها؛ لأنَّها على غير ما تَهْوَى نفوسُهم الجاهليَّة، وعلى غير ما يريد ويحبُّ تقليدهم الأعمى للآباء والشُّيوخ.


فهُم بكلِّ ذلك وبغيره يَكْفرون بالله الحيِّ القيوم، الذي لا تأخذه سِنَةٌ ولا نوم، ويكفرون بأسمائه وصفاته، ويكفرون بنعمه وسننه وآياته، ويَكْفرون بكتبه ورسله، ويكفرون بوعده ووعيده، ويكفرون بالآخرة التي تؤدِّي إليها - ولا بُدَّ - هذه السُّننُ والآيات الكونية الحقَّة، والتي يَصِفُها كتابُه الحق ورسوله الحقُّ، وهم لا يزالون في غفلة عميقة، وغباوة مستحكمة - بجاهليَّتِهم وتقليدهم الأعمى - بعكس كلِّ ذلك ونقيضِه، كما كان يَدِين قومُ نوحٍ وقومُ إبراهيمَ ولوطٍ وصالحٍ وإسحاقَ ويعقوبَ وموسى وعيسى، وكما كانت تدين قريشٌ، وغيْرُهم من كلِّ أمَّة جاءها نذيرٌ بالْهُدى من عند ربِّه؛ لينقذهم من هذه الجاهلية الجهلاء، والغباوة الحمقاء، ولتعود لَهم الحياة الإنسانية الكريمة، وتحيا فيهم الفطرة السليمة، فيَرْوا آيات الحقِّ من ربِّنا الحق في كل شيء، ويؤمنوا أنَّ هذه النِّعَم والآيات والسُّنن تسعى بِهم في هذه الحياة سعيًا حثيثًا إلى الآخرة الحقَّة، التي ستتبدِّد فيها كلَّ غياهب هذه الظلمات والجهالات، فتعود تلك الأمانِيُّ الكاذبة على أهلها سلاسِلَ وأغلالاً وزَقُّومًا وحميمًا وطعامًا من غِسْلين، لا يأكله إلاَّ الخاطِئُون: ﴿ وَمَا خَلَقْنَا السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَإِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ ﴾ [الحجر: 85].


﴿ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا وَعْدَ اللَّهِ حَقًّا إِنَّهُ يَبْدأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ بِالْقِسْطِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ شَرَابٌ مِنْ حَمِيمٍ وَعَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ * هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ مَا خَلَقَ اللَّهُ ذَلِكَ إِلَّا بِالْحَقِّ يُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ * إِنَّ في اخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ في السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَّقُونَ ﴾ [يونس: 4 - 6].


﴿ وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلاً ذَلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّار * أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ في الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ * كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ ﴾ [ص: 27 - 29].


﴿ أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ * وَخَلَقَ اللَّهُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَلِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ ﴾ [الجاثـية: 21 - 22].


﴿ أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ * فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ ﴾ [المؤمنون: 115 - 116].


إلا أنَّ سنن ربِّنا الحق وآياته الحقَّة - كونيَّة وقرآنية - تَجْري مطَّرِدة في كلِّ شيء، فما أعظم سعادةَ وفلاح مَن آمن بها كلِّها كذلك! ويا طولَ شقاءِ مَن عَمِيَ عن الحقِّ فيها أو في بعضها، فذهبت كلُّها في نفسه غضبًا ومقتًا وخيبة وخسرانًا!


إن النسمة من الهواء يستنشقها الجميع، والشَّمس يرسل الله أشعَّتَها لينتفع بها الجميع، واللقمة تَجْري على سنن الحقِّ، من العلم النافع بها، والعمل الصالح لَها، وإنَّ الثَّوب ليَجْري على سنن الحقِّ كذلك، وإنَّ كل حِرْفة وصنعة، وكل شيء ليجريعلى تلك السنن الحقَّة، وكذلك نسمات الحياة العلميَّة، وغذاء الآيات القرآنية، وهدى السُّنة النبوية، كذلك للجميع تَجْري على سنن الحق.


فما بال النَّاس يسعون للُّقمة والثَّوب، والزوجة والولد على سنن الكون الحقَّة، ثم يريدون الدِّين والآخرة على سنن الباطل من الجاهليَّة والتقليد الأعمى، والأمانِيِّ الكاذبة، والظُّنون الغشاشة، والأوهام والخرافات الفاسدة؟! أيظنُّون أنَّ حيوانيَّتهم ودُنْياهم الفانية أَوْلَى بالحقِّ من قلوبِهم وأرواحهم، وعقولهم الإنسانية الكريمة، وآخرتِهم التي لا فناء لها ولا زوال؟!


إنَّهم والله لَمَخدوعون أشدَّ الخديعة، وإن ساعتهم لقريبة، وإنْ ظَنُّوها بغرورهم وأوهامهم بعيدة، وستنكشف عن قلوبِهم تلك الأغطية الجاهلية، ويرون ما كانوا به يكذِّبون، فيقولون: ﴿ يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلا نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [الأنعام: 27] فيقال لهم: ﴿ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فيه مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ ﴾ [فاطر: 37] ﴿ ذُوقُوا فِتْنَتَكُمْ هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ ﴾ [الذريات: 14] ﴿ أَفَسِحْرٌ هَذَا أَمْ أَنْتُمْ لا تُبْصِرُونَ ﴾ [الطور: 15]، فيندمون ولا ينفعهم الندم.


ألا ليتهم يسمعون ويفقهون قولَ ربِّهم وإنذارَه البليغ: ﴿ وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ * أَن تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَى علَى مَا فَرَّطتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَإِن كُنتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ * أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدَانِي لَكُنتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ * أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذَابَ لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ * بَلَى قَدْ جَاءتْكَ آيَاتِي فَكَذَّبْتَ بِهَا وَاسْتَكْبَرْتَ وَكُنتَ مِنَ الْكَافِرِينَ * وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُم مُّسْوَدَّةٌ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْمُتَكَبِّرِينَ * وَيُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوا بِمَفَازَتِهِمْ لَا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾ [الزمر: 55 - 61].


﴿ وَلَوْ تَرَى إِذِ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُو رُؤُوسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا إِنَّا مُوقِنُونَ * وَلَوْ شِئْنَا لَآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ * فَذُوقُوا بِمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا إِنَّا نَسِينَاكُمْ وَذُوقُوا عَذَابَ الْخُلْدِ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ [السجدة: 12 - 14].


﴿ يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ * الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ * فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ * كَلَّا بَلْ تُكَذِّبُونَ بِالدِّينِ * وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ * كِرَامًا كَاتِبِينَ * يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ * إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ * وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ * يَصْلَوْنَهَا يَوْمَ الدِّينِ * وَمَا هُمْ عَنْهَا بِغَائِبِينَ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ * ثُمَّ مَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ * يَوْمَ لَا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئًا وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ ﴾ [الانفطار: 6 - 19].



[1] أخرجه البخاري برقم [4493]، ومسلم برقم [205].





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • تفسير القرآن الحكيم .. سورة الحجر ( الآيات 73 : 77)
  • تفسير القرآن الحكيم .. سورة الحجر (الآيات 78 )
  • تفسير القرآن الحكيم .. سورة الحجر ( الآيات 80 : 84 )
  • تفسير القرآن الحكيم .. سورة الحجر ( الآيات 85 : 86 ) [2]
  • تفسير القرآن الحكيم .. سورة الحجر ( الآية 87 )
  • تفسير القرآن الحكيم .. سورة الحجر ( الآيات 88 : 89 )
  • تفسير القرآن الحكيم .. سورة الحجر ( الآيات 90 : 93 )
  • تفسير القرآن الحكيم .. سورة الحجر ( الآية 94 )

مختارات من الشبكة

  • منتقى التفاسير في تفسير سورة البقرة: تفسير الآيات من (135 - 152) (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • منتقى التفاسير في تفسير سورة البقرة: تفسير الآيات من (102 - 134) (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • منتقى التفاسير في تفسير سورة البقرة: تفسير الآيات من (65 - 101) (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • منتقى التفاسير في تفسير سورة البقرة: تفسير الآيات من (1 - 40) (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • منتقى التفاسير في تفسير سورة البقرة: تفسير الآيات من (40 - 64) (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • غرائب وعجائب التأليف في علوم القرآن (13)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مفسر وتفسير: ناصر الدين ابن المنير وتفسيره البحر الكبير في بحث التفسير (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • شرح كتاب المنهج التأصيلي لدراسة التفسير التحليلي (المحاضرة الثالثة: علاقة التفسير التحليلي بأنواع التفسير الأخرى)(مادة مرئية - موقع الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي)
  • تفسير سور المفصل 212 - سورة الأعلى ج 1 - مقدمة لتفسير السورة(مادة مرئية - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • فوائد مختارة من تفسير ابن كثير (1) سورة الفاتحة(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 9/11/1446هـ - الساعة: 17:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب